يعتبر المرض في معظم وجوهه حالة قدرية لا نملك دفعها عن أنفسنا أو عمن
حولنا. وداء السكري هو أحد هذه الأمراض التي قد تشكل للمصاب ولمن حوله ما
يشبه الأزمة وتجعلهم في حالة استنفار دائم لما يتطلبه هذا المرض من متابعة
دورية ومراقبة دقيقة ونظام غذائي صارم.
وإذا كان الحديث عن سكري الأطفال فلابد هنا من الأخذ بجملة من الاحتياطات
التي تمكن الأهل من إحكام المراقبة وتنظيم الحياة اليومية للطفل بالشكل
الذي يشعره بأنه لا يختلف في شيء عن أبناء جيله، وأن عليه التأقلم مع هذا
المرض وتقوية عزيمته للتعايش معه.
ينشأ مرض السكري نتيجة تعرض خلايا البنكرياس لبعض الضرر، فتعجز عن تأدية
عملها من إنتاج للأنسولين الذي يحتاج إليه الجسم لإدخال الغلوكوز أو السكر
إلى هذه الخلايا ومدها بالطاقة المحولة من الطعام ومن ثم القيام بوظائفها
على أكمل وجه.
الداء موجود والأسباب مجهولة
إذا كان داء السكري سواء لدى الكبار أو الأطفال ينشأ بسبب تعرض خلايا
البنكرياس للضرر فإن أسباب هذا الضرر لم تعرف بعد، وإن أبدى العلماء العديد
من النظريات لتفسير هذا العطل ومنها:
ـ عامل المناعة: عند إصابة الطفل بالتهاب ما، يبدأ الجسم مكافحة هذا
الالتهاب عبر المناعة الطبيعية، ولكن عندما تتكون الأجسام المضادة لهذا
الالتهاب فإنها تكون مضادة أيضًا لخلايا «بيتا» في البنكرياس فتحطمها كما
تحطم الجرثومة المسببة للالتهاب.
ـ عامل الالتهابات: وتقول هذه النظرية إن الجرثومة المسببة للالتهاب، وعادة
ما تكون فيروسًا، تذهب عن طريق الدم إلى البنكرياس وتحطم خلايا «بيتا»
بطريقة مباشرة.
ـ عامل الوراثة: ويؤدي هذا العامل دورًا ليس كبيرًا، حيث يزداد احتمال
إصابة الطفل بالسكري عند وجود أخ أو أخت من أبويه معًا مصاب بالسكر ولكنه
لا يزيد على نسبة 10% وتزداد هذه النسبة عند التوائم لتصل إلى 40%.
أهم الأعراض
التبول اللاإرادي: يتراكم السكر في الدم بدرجة كبيرة ويبدأ الخروج مع البول
حيث تعجز الكليتان عن الاحتفاظ بالسكر عند بلوغه حدًا معينًا.
وعند خروج البول يكون كالإسفنجة بسحبه قدرًا كبيرًا من الماء، ولذلك تكون
أول أعراض داء السكري هو التبول المتكرر وبكميات كبيرة. والملاحظ عند
الأطفال أنهم قد يبدأون بالتبول اللاإرادي وهم نائمون. وإذا استمرت هذه
العملية دون علاج فإن أعراض الجفاف قد تظهر عند المريض.
وبما أن الخلايا قد حرمت من التغذية وأصيبت بالمجاعة فإنها تبحث عن مصدر
آخر للغذاء، وليس أمامها سوى الدهنيات الموجودة داخل الخلية فتقوم
باستعمالها، ليشعر الطفل بالإرهاق الشديد والتعب كما يفقد قدرًا من الوزن،
وقد يشعر أيضًا بالصداع والدوار ومن ثم القيء، إذ تفرز الخلية بعد
استخدامها للدهنيات مواد حامضة «أسيتون» أو «الكيتون» تنتشر في الدم وتسبب
زيادة في حموضة الدم وتؤدي إلى القيء ومن ثم الشعور بالنوم المؤدي إلى
الغيبوبة إن لم يعالج في الحال.
العلاج بالأنسولين
عند إصابة الطفل بهذا الداء يستوجب إدخاله المستشفى وتنويمه لمدة تراوح ما
بين أسبوع وثلاثة أسابيع لمباشرة علاجه، خصوصًا إذا كان الطفل مصابًا
بالجفاف والحموضة الشديدة فلا بد عندها من السوائل والأنسولين من خلال
الوريد إلى أن يتم التحسن. وهنا لا بد من التعرف على الأنسولين الذي هو
عبارة عن هرمون يفرز من البنكرياس وهو المفتاح الذي يساعد على إدخال
الغلوكوز إلى جميع خلايا الجسم. كما أنه يؤخد بالحقن تحت الجلد أي بالدم.